للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الإمام المالكي والمدرس بالجامع الأموي

٥

بسم الله الرحمن الرحيم

اطَّلعنا على هذا الكتاب، وعلمنا ما فيه، ونقول: كلٌّ من المتناظرين قد أطال الكلام في غير محلِّ الحاجة، والذي يظهر: أنَّ كلاًّ من المتناظرين لا يقصد بما يقول، إلا أن يغلب مناظرَه، فكان الدُّخولُ بينهم غيرَ جائز، لما أنّ شرط المناظرة: أن يكون القصدُ إحقاقَ الحقِّ، وأن يكون كلٌّ من المتناظرين يحب ظاهراً وباطناً أن يكون الحقُّ في جانب مناظره، كما كان عليه السَّلفُ الصّالح (١) ، ولذلك نقول -بياناً للحقِّ في ذاته، بقطع النَّظر عن الانتصار بعده لأحد منهما-:


(١) في آخر «آداب الشافعي ومناقبه» (ص ٣٢٦) تحت عنوان (ثلاث كلمات للشافعيِّ: لم يُسبَقْ إليها، وانفرد بها) ، ومن بينها: قوله: «ما ناظرتُ أحداً، فأَحْبَبْتُ أنْ يُخْطِئ» .
قال أبو عبيدة: وقد وقعت بينه وبين الإمام أبي عبيد القاسم بن سَلاّم ما يترجم ذلك عملياً، فكان الشافعي يقول: إنّ القرء هو الحيض، وكان أبو عبيد يقول: إنه الطهر، فلم يزل كل منهما يقرر قوله، حتى تفرّقا، وقد انتحل كل منهما مذهب صاحبه، وتأثّر بما أورده من الحجج والشواهد، انظر: «طبقات الشافعية الكبرى» (١/٢٧٣) ، مقدمتي لـ «الطهور» لأبي عبيد (ص ٣٤-٣٥) .

<<  <   >  >>