(٢) بلد قرب الموصل (منهما) . (٣) الصحيح أن أول من أحدث بدعة المولد الفاطميون العبيديون من الباطنيين، كما قال المقريزي في «خططه» (١/٤٩٠) ، والقلقشندي في «صبح الأعشى» (٣/٤٩٨) ، والسندوبي في «تاريخ الاحتفال بالمولد النبوي» (٦٩) ، ومحمد بخيت المطيعي في «أحسن الكلام» (٤٤-٤٥) ، وعلي فكري في «محاضراته» ، وعلي محفوظ في «الإبداع» (ص ١٢٦) ، وحسن إبراهيم حسن وطه أحمد شرف في كتابيهما «المعزّ لدين الله» (ص ٢٨٤) ، وأحمد المختار العبادي في «تأليفه في التاريخ العباسي والفاطمي» (ص ٢٦١-٢٦٢) ، وإسماعيل الأنصاري في «القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل - صلى الله عليه وسلم -» (ص ٦٤) ، وعبد الله بن منيع في «حوار مع المالكي» (ص ٥٧) . وذكر بعضهم أنّ أول مَن أحدثه صاحب إربل الملك المظفر، كما قال المصنِّفان. انظر: «وفيات الأعيان» (١/٤٣٧) ، و «الرد القوي على الرفاعي والمجهول وابن علوي وبيان أحكامهم في المولد النبوي» (ص ٨٩، ٩٥) ، و «الإنصاف فيما قيل في المولد من الغلو وبلا إجحاف» (ص ٣٤-٣٥) . ولا يبعد أن يكون عمل المولد تسرب إلى صاحب إريل من العبيديين، فإنهم أخذوا الموصل سنة (٣٤٧هـ) ، كما في «البداية والنهاية» (١١/٢٣٢) ، ومولد الملك المظفر سنة (٥٤٩هـ) ، كما في «التكملة» (٣/٣٥٤) ، وولي السلطنة بعد وفاة أبيه سنة (٥٦٣هـ) ، كما في «سير أعلام النبلاء» (٢٢/٣٣٥) . قال محمد بخيت المطيعي في «أحسن الكلام» (ص ٥٢) :
« ... ومن ذلك تعلم أن مظفر الدِّين إنما أحدث المولد النبوي في مدينة إربل على الوجه الذي وصف، فلا ينافي ما ذكرناه من أن أوّل مَن أحدثه بالقاهرة الخلفاء الفاطميون من قبل ذلك، فإن دولة الفاطميين انقرضت بموت العاضد بالله أبي محمد عبد الله بن الحافظ بن المستنصر في يوم الإثنين/عاشر المحرم/سنة سبع وستين وخمس مئة هجرية، وما= =كانت الموالد تعرف في دولة الإسلام من قبل الفاطميين» . بقي بعد هذا أن نقول: إن المحدثاتِ كلَّها شر وضلالة بنص رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنّ كل عمل ليس له أصل في الشرع: بدعة وضلالة، وإن ارتكبه من يُعدّ من «الصالحين» ويشتهر به!! ولقد بيَّن ياقوت في «معجمه» (١/١٣٨) -وهو من معاصري الملك المظفر- شيئاً من أحواله، وقال: «طباع هذا الأمير متضادّة، فإنه كثير الظلم عسوف بالرَّعيَّة، راغب في أخذ الأموال من غير وجهها» ، وذكر ابن العماد في «شذرات الذهب» (٥/١٤٠) في ترجمة الملك المظفر: «كانت نفقته على المولد في كل سنة ثلاث مئة ألف دينار» . ثم وجدت كلمة مطوّلة عنه في «رجال من التاريخ» (٢٦٧-٢٧٣) عن (الملك المظفر) ، وجاء فيها (ص ٢٧٢-٢٧٣) وصف لإحياء هذه الموالد، وهذا نصه: «تبدأ الاحتفالات ليلة المولد بِسَوْق عدد هائل من الإبل والبقر والغنم بالطبول والأناشيد، والناس وراءها بالأعلام والمزامير والصياح، حتى تذبح ويعدُّ لحمها للولائم، فتقام القدور، ويعد الطعام الكثير، ثم يذهب إلى المسجد فيخرج من صلاة العشاء، بين يديه الشموع العظيمة والمشاعل والناس وراءه، حتى ينتهي إلى (الخانقاه) فيقيم تلك الليلة سماعاً عظيماً (أي: ما يسمونه اليوم ذكراً، وما هو بالذكر) ، ويأتي الصوفية بعجائب الإنشاد والرقص والتواجد، فإذا كان يوم المولد، نصب له برج كبير، فيجلس عليه مع رؤساء دولته، وبرج أوطأ منه للصوفية والعلماء، ويمرُّ الجيش بين يديه في عرض عظيم، بفرسانه ورجَّالته وأعلامه وراياته وطبوله، وجماعات الصوفية والمنشدين، وطلبة المدارس، وعامة الناس، ثم يقوم الخطباء والوعاظ، وينشد المنشدون، ويخلع على الجميع ويعطيهم، ثم يدعى كل من حضر -وهم آلاف مؤلفة- إلى الموائد، فيأكلون جميعاً» . وأخيراً ... انظر في بدعية المولد ومفاسده المترتبة عليه: المصادر المذكورة سابقاً، و «اقتضاء الصراط المستقيم» (ص ٢٩٥) ، و «الفتاوى الكبرى» (١/٣٢١) ، و «المدخل» (٢/١٦-١٧) ، و «المعيار المعرب» (٨/٢٥٥) و (٩/٢٥٥) و (٧/١٠٠-١٠١ و١١٤) و (١٢/٤٨-٤٩) ، و «المواهب اللدنية» (١/١٤٠) ، و «تفسير المنار» (٩/٩٦) و (٢/٧٤-٧٦) ، و «فتاوى رشيد رضا» (٥/٢١١٢) ، و «مجلة المنار» (٢٠/٣٩٥-٤٠٣، ٤٤٩-٤٥١، ٢١/٣٨-٤٨، ١٠٣-١٠٤) ، و «كتاب الباعث على إنكار البدع والحوادث» (ص ٩٦-٩٧ - بتحقيقي) ، و «بداية السول» (ص ٩) ، و «مختصر الشمائل المحمدية» (١٧٥) (كلاهما فيه= =كلام على بدعية الموالد من كلام شيخنا الألباني -رحمه الله-، وقد ذكرناه في جمعنا لكلامه على البدع، يسر الله إتمامه) . وقد صنف الفاكهاني رسالة لطيفة في حكم المولد، أسماها بـ «المورد في عمل المولد» فانظرها فإنها مفيدة، وفي «فهرس المكتبة الغربية بصنعاء» (٧٢٤) رسالة مفردة لمحمد الغشم (ت ١٠٤٣هـ) في ذلك، وطبع حديثاً «رسائل في حكم الاحتفال بالمولد النبوي» في مجلدين لمجموعة من العلماء، وفيها بيان كثير من المفاسد والمحاذير، ونكتفي بهذه الإحالات المجملة؛ لأنّ الكلام على هذه البدعة متّسع الأرجاء، وله ذيول ويطول، والله الموفق.