على المؤاجرة فكانت مؤونه الرد عليه، وتسليمها في العارية هبة للمستعير فكانت مؤونة الرد عليه.
فإذا استعار دابة ثم ردها إلى اصطبل المعير لم يبرأ من ضمانها حتى يدفعها إلى المعير أو وكيله فيها.
وقال أبو حنيفة: يبرأ منها بردها إلى الاصطبل استحسانا لا قياسا وهذا خطأ، لان الاصطبل لو كان كيده لاقتضى أن يكون سارقها من الاصطبل إذا ردها إليه أن يسقط عنه ضمانها كما يسقط بردها إلى يده، وفى بقاء الضمان عليه دليل على أن ليس عودها إلى الاصطبل عودا إلى يده.
وقال الحنابلة إن كانت العين باقية فعلى المستعير ردها إلى المعير أو وكيله في قبضها، ويبرأ بذلك من ضمانها.
وان ردها إلى من جرت عادته بجريان ذلك على يده كزوجته المتصرفة في ماله ورد الدابة إلى سائسها فقياس المذهب أنه يبرأ (فرع)
إذا استعار شيئا فله استيفاء منفعته بنفسه وبوكيله، لان وكيله نائب عنه ويده كيده، وليس له أن يؤجره لانه لم يملك المنافع فلا يصح أن يملكها غيره، لان المستعير لا يملك العين، وليس للمستعير استعمال المعار الا فيما أذن له فيه، وليس له أن يعيره غيره.
وهذا هو الوجه الاصح عندنا، ولا قول غيره عند الحنابلة.
والوجه الآخر له ذلك - وهو قول أبى حنيفة - لانه يملكه على حسب ما ملكه فجاز كما للمستأجر أن يؤجر، قال أصحاب الرأى: إذا استعار ثوبا ليلبسه هو فأعطاه غيره فلبسه فهو ضامن، وان لم يسم من يلبسه فلا ضمان عليه.
وقال مالك: إذا لم يعمل بها الا الذى كان يعمل بها الذى أعيرها فلا ضمان عليه.
ولنا أن العارية اباحة المنفعة فلم يجز أن يبيحها غيره كاباحة الطعام، وفارق الاجارة لانه ملك الانتفاع على كل وجه فملك أن يملكها، وفى العارية لم يملكها انما ملك استيفاءها على وجه ما أذن له فأشبه من أبيح له أكل الطعام، فعلى هذا
ان أعار فللمالك الرجوع بأجر المثل، وله أن يطالب من شاء منهما، لان الاول سلط غيره على أخذ مال غيره بغير اذنه.
والثانى استوفاه بغير اذنه فان ضمن الاول رجع على الثاني، لان الاستيفاء حصل منه فاستقر الضمان عليه، وان ضمن الثاني لم يرجع على الاول الا أن يكون الثاني لم يعلم بحقيقة الحال فيحتمل