للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والدليل عليه قوله عز وجل (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الادبار، ومن يولهم يومئذ دبره الا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله) وسواء كانت الفئة قريبة أو بعيدة، والدليل عليه ما روى ابن عمر رضى الله عنه أنه كان في سرية من سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم فحاص الناس حيصة عظيمة وكنت ممن حاص، فلما برزنا قلت كيف نصنع وقد فررنا من الزحف وبؤنا بغضب ربنا فجلسنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم قبل صلاة الفجر فلما خرج قمنا وقلنا نحن الفرارون، فقال لابل أنتم العكارون، فدنونا فقبلنا يده فقال انا فئة المسلمين.

وروى عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: انا فئة كل مسلم، وهو بالمدينة

وجيوشة في الآفاق، فإن ولى غير متحرف لقتال أو متحيزا إلى فئة أثم وارتكب كبيرة.

والدليل عليه ما رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الكبائر سبع أولهن الشرك بالله، وقتل النفس بغير حقها وأكل الربا وأكل مال اليتيم بدارا أن يكبروا، وفرار يوم الزحف، ورمى المحصنات وانقلاب إلى الاعراب، فإنى غلب على ظنهم أنهم ان ثبتوا لمنليهم هلكوا ففيه وجهان

(أحدهما)

أن لهم أن يولوا لقوله عز وجل (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)

(والثانى)

أنه ليس لهم أن يولوا وهو الصحيح لقوله عز وجل (إذا لقيتم فئة فاثبتوا) ولان المجاهد انما يقاتل ليقتل أو يقتل وان زاد عدد الكفار على مثلى عدد المسلمين فلهم أن يولوا، لانه لما أوجب الله عز وجل على المائة مصابرة المائتين دل على أنه لا يجب عليهم مصابرة ما زاد على المائتين.

وروى عطاء عن ابن عباس رضى الله عنه أنه قال (من فر من اثنين فقد فرو من فر من ثلاثة فلم يفر) وان غلب على ظنهم أنهم لا يهلكون فالافضل أن يثبتوا حتى لا ينكسر المسلمون، وان غلب على ظنهم أنهم يهلكون ففيه وجهان

(أحدهما)

أنه يلزمهم أن ينصرفوا لقوله عز وجل (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)

(والثانى)

أنه يستحب أن ينصرفوا ولا يلزمهم، لانهم ان قتلوا فازوا بالشهادة وان لقى رجل من المسلمين رجلين من المشركين في غير الحرب، فإن طلباه ولم

<<  <  ج: ص:  >  >>