الرهن، فإن أذن له في القبض عن الرهن دون الاجارة صار مقبوضا عنهما لانه أذن له في قبض الرهن، وقبض الاجارة لا يفتقر إلى الاذن لانه مستحق عليه
(الشرح) الاحكام، لا يلزم الرهن من جهة المرتهن بحال، بل متى ما شاء فسخه لانه عقد لحسابه أو لحظه فيجاز له إسقاطه متى شاء كالابراء من الدين.
وأما من جهة الراهن فلا يلزم قبل القبض سواء كان مشروطا في عقد أو غير مشروط، وبه قال أبو حنيفة، وقال مالك رحمه الله تعالى: يلزم من جهة الراهن بالايجاب والقبول، فمن رهن شيئا أجبر على إقباضه، وكذلك قال في الهبة.
دليلنا: قوله تعالى " وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة " فوصف الرهن بالقبض، فدل على أنه لا يكون رهنا إلا بالقبض، كما أنه وصف الرقبة المعتوقة بالاعيان ثم لا يصح على الكفارة الا عتق رقبة مؤمنة، ولانه عقد إرفاق احتراز من البيع، فانه عقد معاوضة، وقولنا: من شرطه القبول، احتراز من الوقف.
إذا ثبت هذا: فالعقود على ضربين.
ضرب لازم من الطرفين كالبيع والحوالة والاجارة والنكاح والخلع.
وضرب جائز من الطرفين كالوكالة والشركة، والمضاربة والرهن قبل القبض، والضمان، والكتابة، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ:
(فصل)
وإن أذن له في قبض ما عنده لم يصر مقبوضا حتى يمضى زمان يتأتى فيه القبض، وقال في حرملة: لا يحتاج إلى ذلك كما لا يحتاج إلى نقل، والمذهب الاول، لان القبض انما يحصل بالاستيفاء أو التمكين من الاستيفاء، ولهذا لو أستأجر دارا لم يحصل له القبض في منافعها الا بالاستيفاء، أو بمضي زمان يتأتى فيه الاستيفاء فكذلك ههنا، فعلى هذا ان كان المرهون حاضرا فبأن يمضى زمان لو أراد أن ينقله أمكنه ذلك، وان كان غائبا، فبأن يمضى هو أو وكيله ويشاهده ثم يمضى من الزمان ما يتمكن فيه من القبض، وقال أبو إسحاق:
ان كان مما ينتقل كالحيوان لم يصر مقبوضا الا بأن يمضى إليه لانه يجوز أن يكون