للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القصد من هبته الصلة فلم تجب المكافأة فيه بعوض كالصدقه.

وان وهب لمن هو مثله لم يلزمه أيضا أن يثيبه، لان القصد من اكتساب المحبة وتأكيد الصداقه، وان وهب لمن هو أعلى منه ففيه قولان، قال في القديم: لم يلزمه أن

يثيبه عليه بعوض، لان العرف في هبة الادنى للاعلى أن يلتمس به العوض فيصير ذلك كالمشروط.

وقال في الجديد: لا يجب لانه تمليك بغير عوض فلا يوجب المكافأة بعوض كهبة انظير للنظير فان قلنا: لا يجب فشرط فيه ثوابا معلوما ففيه قولان

(أحدهما)

يصح لانه تمليك مال بمال فجاز كالبيع، فعلى هذا يكون كبيع بلفظ الهبة في الربا والخيار وجميع أحكامه.

(والثانى)

أنه باطل، لانه عقد لا يقتضى العوض فبطل شرط العوض كالرهن، فعى هذا حكمه حكم البيع الفاسد في جميع أحكامه، وان شرط فيه ثوابا مجهولا بطل قولا واحدا لانه شرط العوض، ولانه شرط عوضا مجهولا وان قلنا انه يجب العوض ففى قدره ثلاثة أقوال (أحدها) انه يلزمه أنه يعطيه إلى أن يرضى، لما روى ابن عباس رضى الله عنه (أن أعرابيا وهب للنبى صلى الله عليه وسلم هبة فأثابه عليها.

قال أرضيت قال لا، فزاده وقال أرضيت؟ فقال نعم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لقد هممت أن لا أتهب الا من قرشي أو أنصارى أو ثقفي)

(والثانى)

يلزمه قدر قيمته لانه عقد يوجب العوض، فإذا لم يكن مسمى وجب عوض المثل كالنكاح.

(والثالث) يلزمه ما جرت العادة في ثواب مثله، لان العوض وجب بالعرف فوجب مقداره في العرف، فان قلنا انه يجب العوض فلم يعطه ثبت له الرجوع، فان تلفت العين رجع بقيمتها، لان كل عين ثبت له الرجوع بها إذا تلفت وجب الرجوع إلى بدلها كالمبيع.

ومن أصحابنا من قال لا يجب لان حق الواهب في العين، وان نقصت العين رجع فيها، وهل يرجع بأرش ما نقص؟ فيه وجهان كالوجهين في رد القيمه إذا تلفت.

وان شرط عوضا مجهولا لم تبطل، لانه شرط ما يقتضيه العقد، لان العقد

<<  <  ج: ص:  >  >>