للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفيما سكت عنه على مقتضاه، ويصير كأنه وقف مؤبد.

ويقدم المسمى على غيره فإذا انقرض المسمى صرف إلى أقرب الناس إلى الواقف، لانه من أعظم جهات الثواب، والدليل عليه قول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ (لا صدقة وذو رحم محتاج) وروى سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (صدقتك على المساكين صَدَقَةٌ، وَعَلَى ذِي الرَّحِمِ اثْنَتَانِ، صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ) وهل يختص به فقراؤهم أو يشترك فيه الفقراء والاغنياء؟ فيه قولان

(أحدهما)

يختص به الفقراء، لان مصرف الصدقات إلى الفقراء.

(والثانى)

يشترك فيه الفقراء والاغنياء: لان في الوقف الغنى والفقير سواء، وإن وقف وقفا منقطع الابتداء متصل الانتهاء بأن وقف على عبد ثم على الفقراء، أو على رجل غير معين ثم على الفقراء، ففيه طريقان.

من أصحابنا من قال: يبطل قولا واحدا لان الاول باطل والثانى فرع لاصل باطل فكان باطلا.

ومنهم من قال فيه قولان:

(أحدهما)

أنه باطل لما ذكرناه

(والثانى)

أنه يصح لانه لما بطل الاول صار كأن لم يكن.

وصار الثاني أصلا.

فإذا قلنا إنه يصح فإن كان الاول لا يمكن

اعتبار انقراضه كرجل غير معين صرف إلى من بعده وهم الفقراء، لانه لا يمكن اعتبار انقراضه فسقط حكمه، وإن كان يمكن اعتبار انقراضه كالعبد ففيه ثلاثة أوجه (أحدها) ينقل في الحال إلى من بعده، لان الذى وقف عليه في الابتداء لم يصح الوقف عليه، فصار كالمعدوم

(والثانى)

وهو المنصوص: أنه للواقف ثم لوارثه إلى أن ينقرض الموقوف عليه، ثم يجعل لمن بعده لانه لم يوجد شرط الانتقال إلى الفقراء، فبقى على ملكه.

(والثالث) أن يكون لاقرباء الواقف إلى أن ينقرض الموقوف عليه ثم يجعل للفقراء، لانه لا يمكن تركه عليه الواقف لانه أزال الملك فيه، ولا يمكن أن يجعل للفقراء لانه لم يوجد شرط الانتقال إليهم فكان أقرباء الواقف أحق وهل يختص به فقراؤهم؟ أو يشترك فيه الفقراء والاغنياء؟ على ما ذكرنا من القولين.

<<  <  ج: ص:  >  >>