لم تقبل دعواه، وإن كانت له بينة حكم له بها، فإن كان اللقيط قد تصرف قبل ذلك ببيع أو شراء نقضت تصرفاته لتصرفه بغير إذن، وان لم تكن بينة فأقر بالرق نظرنا، فان كان اعترف لنفسه بالحرية قبل ذلك لم يقبل إقراره بالرق لانه اعترف بالحرية وهى حق الله تعالى فلا يبطل برجوعه.
فإن قلنا: يقبل إقراره كأحد الوجهين عند الشافعي صارت أحكامه أحكام العبيد فيما عليه دون ماله، وبهذا قال أبو حنيفة ولمزني وأحمد، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لانه أقر بما يوجب حقا له وحقا عليه، فوجب أن يثبت ما عليه دون ماله كما لو قال: لفلان على ألف درهم ولى عنده رهن.
ويحتمل أن يقبل إقراره في الجميع، وهو القول الثاني للشافعي لانه ثبت ما عليه فيثبت ماله كالبينة، فإن قبلنا إقراره بالرق لم يخل من أن يكون ذكرا أو أنثى.
فإن كان اللقيط أنثى فالنكاح صحيح في حقها، فان كان قبل الدخول فلا جهر لها، وان كان دخل بها لم يسقط مهرها وأما أولادها فأحرار ولا يثبت الرق في حق أولادها باقرارها فأما بقاء النكاح فيقال للزوج: قد ثبت أنها أمة، فإن اخترت المقام على ذلك
فأقم، وإن شئت ففارقها، وسواء كان ممن يجوز له نكاحا الاماء أو لم يكن لاننا لو اعتبرنا ذلك وأفسدنا نكاحه لكان إفسادا للعقد جميعه بقولها، لان شروط نكاح الامه لا تعتبر في استدامة العقد انما تعتبر في ابتدائه.
فإن قيل: قد قبلتم قولها لى أنها أمة في المستقبل وفيه ضرر على الزوج.
قلنا لم يقبل قولها في إيجاب حق لم يدخل في العقد عليه، فأما الحكم في المستقبل فيمكن إيفاء حقه وحق من يثبت له الرق عليها بأن يطلقها فلا يلزمه ما لم يدخل عليها أو يقم على نكاحها فلا يسقط حق سيدها، فان طلقها اعتدت عدة الحرة، لان عدة الطلاق حق للزوج عند أحمد والشافعي ثلاثة قروء، وان مات اعتدت عدة الامة وهى شهران وخمس ليال لانه وطئ في نكاح فاسد، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى:
(فصل)
وان جنى عمدا على عبد ثم أقر بالرق وجب عليه القصاص على