للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: لا يستحقه بعد ظهورها لتفويت الاغراض بعد ظهورها والقول الثاني - وهو الذى نص عليه الشافعي هاهنا - له الفسخ لما علل به من أنه قد يكون له الفضل فينضل، ويكون عليه الفضل فينضل.

(مسألة) إذا عرفت أن الرمى مما يلزم المسلمين حذقه والتمرس عليه لقهر الاعداء وجهادهم لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى، وعرفت أن السهام والنبال من أسلحة النضال قد استحالت في أعصرنا إلى أسلحة نارية منها ما يصيب بالتوجيه كرشاش بور سعيد واللانكستر والبرتا، ومنها ما يصيب بالتسديد أو التصويب الدقيق كالبندقية حكيم واللى أنفيلد والتوميجن، ومنها ما يعطى مخروطا ناريا باللمس الهين ويسمى آليا، ومنها ما يعطى القذيفة بالضغط بالاصبع ويسمى منفردا، وقليل من حذاق الرماية الذين يستطيعون أن يجعلوا الآلي منفردا، وهو أمر يفتقر إلى قدرة على ضبط حركة الاصبع وسيطرة على لمس الزناد، والفرق بين هذه الآلات والآلات السابقة لا يختلف في حكمه إلا بمقدار ما يراعى من قوة الرمى وبعد ما ترميه الآلات الحديثة ومدى تأثيرها.

وقد سن النبي صلى الله عليه وسلم الاخذ بآلات غير المسلمين حين حاصر الطائف بالمجانيق، ووجه الصحابة رضوان الله عليهم إلى صناعتها وصناعة الضبور وهى نوع من المدافع البدائية التى تطورت صناعتها حتى بلغت في عصرنا هذا الصاروخ عابر القارات، ويحتسب في الرماية بتلك القذائف دورة الارض حول نفسها ودورتها السنوية وقانون الجاذبية وهو تحتاج إلى معادلات رياضية وحساب دقيق

لنصل إلى أهدافها في قلاع الاعداء فتدمرها تدميرا.

وقد أخرج الشيخان والحاكم وصححه والشافعي وأحمد والنسائي وابن حبان عن عبد الله بن مغفل أن رسول لله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (نَهَى عَنْ الْخَذْفِ وقال إنها لا تصيد صيدا ولا تنكأ عدوا ولكنها تكسر السن وتفقأ العين) .

فقد وجهنا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى ما فيه الاثر الاقوى والاغلاظ البالغ والسلاح الحاسم لارهاب العدو.

فإذا ثبت هذا فان الرماية بالبندقية وغيرها من المستحدثات من فروض الكفايات التى تتأصل بها عزة الامة وتحمى بها حوزتها

<<  <  ج: ص:  >  >>