للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما روى ابن عباس رضى الله عنه قَالَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة وهم يسلفون في الثمرة السنتين والثلاث فقال أسلفوا في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم فلو لم يجز السلم في المعدوم لنهاهم عن السلم في الثمار السنتين والثلاث ويجوز السلم في الموجود لانه إذا جاز السلم في المعدوم فلان يجوز في الموجود أولى لانه أبعد من الغرر.

(الشرح) قوله: للآية قصد قوله تبارك وتعالى " إلى أجل مسمى " أما حديث ابن عباس فقد رواه الجماعة.

أما الاحكام فجوازه مؤجلا أمر مجمع عليه، أما جوازه حالا فجمهور المذاهب على خلافه، ويستدلون بحديث ابن عباس " إلى أجل معلوم " على اعتبار الاجل في السلم شرطا وفقهاء المذهب لم يختلفوا على جوازه حالا وهم يجيبون على استدلال المخالفين بأن ذكر الاجل في الحديث ليس للاشتراط، بل معناه ان كان لاجل فليكن معلوما، وتعقيب بالكتابة فان التأجيل شرط فيها، واجيب بالفرق لان الاجل في المكاتبة شرع لعدم قدرة العبد غالبا، واستدل المخالفون بما أخرجه الشافعي عن ابن عباس أنه قال: أشهد أن السلف المضمون إلى أجل قد أحله الله في كتابه وأذن فيه ثم قرأ قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ".

وأجيب بأن هذا يدل على جواز السلم إلى أجل، ولا يدل على أنه لا يجوز الا مؤجلا، واستدل المخالفون بما أخرجه ابن أبى شيبة عن ابن عباس أنه قال " لا تسلف إلى العطاء ولا إلى الحصاد واضرب أجلا ".

وأجيب بأن هذا ليس بحجة لانه موقوف على ابن عباس وكذلك يجاب عن قول أبى سعيد الذى علقه البخاري، ووصله عبد الرزاق بلفظ " السلم بما يقوم به السعر ربا ولكن السلف في كيل معلوم إلى أجل ".

وقد اختلف الائمة في مقدار الاجل من ساعة إلى الميسرة ولو بلغت سنين، والحق ما ذهبنا إليه من عدم اعتبار الاجل لعدم ورود دليل يدل عليه، وأما ما يقال من أنه يلزم مع الاجل أن يكون بيعا للمعدوم ولم يرخص فيه الا

<<  <  ج: ص:  >  >>