(الشَّرْحُ) هَذَا الْفَصْلُ مَعْقُودٌ لِحُكْمِ اخْتِلَاطِ الثِّمَارِ وَأُلْحِقَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ اخْتِلَاطِ الْمَبِيعِ بِغَيْرِهِ وَذَلِكَ عَلَى مَرَاتِبَ (الْمَرْتَبَةُ الْأُولَى) وَعَلَيْهَا اقْتَصَرْتُ فِي هَذِهِ الْقِطْعَةِ مِنْ كَلَامِ المصنف ان تكون الثمرة مبيعة فنخلط بغيرها وذلك اما فيما يحمل حملا واحد أو كان قَدْ اشْتَرَى مَا ظَهَرَ مِنْهَا إمَّا بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ مُطْلَقًا أَوْ قَبْلَهُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَلَمْ يَتَّفِقْ الْقَطْعُ ثُمَّ حَدَثَتْ ثَمَرَةٌ أُخْرَى فَإِنَّ الثَّمَرَةَ الْحَادِثَةَ لِصَاحِبِ الْأَصْلِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَلْقُطَ الْمُشْتَرِي ثَمَرَهُ وَاخْتَلَطَتْ الْحَادِثَةُ بِالثَّمَرَةِ الْمَبِيعَةِ فَإِنْ كَانَتْ تَتَمَيَّزُ بِالْكِبَرِ والصغر أو نحو هما فَإِنَّ لِلْمُشْتَرِي الْمُتَقَدِّمَةَ وَلِلْبَائِعِ الْحَادِثَةَ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ والخراسانيين.
وان لم تتميز أو اشريت حِنْطَةً فَلَمْ تُقْبَضْ حَتَّى انْثَالَتْ عَلَيْهَا حِنْطَةٌ أُخْرَى وَكَانَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا غَيْرَ مَعْلُومَةِ الْقَدْرِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَفِيهِ قَوْلَانِ اتَّفَقَتْ الطُّرُقُ عَلَى حِكَايَتِهِمَا
(أَحَدُهُمَا)
يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ لما ذكره المصنف والمراد بالتسليم الستحق مَا يُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَيْهِ وَأَمَّا التَّسْلِيمُ فِي ضِمْنِ الْجَمِيعِ فَلَا يُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَيْهِ وَلَوْ سَمَحَ بِهِ لَا يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى قَبُولِهَا كَمَا لَا يُجْبَرُ عَلَى قَبْضِ مَا اشْتَرَاهُ وَعَيَّنَ أُخْرَى وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْمُشْتَرِي لَا يُجْبِرُ الْمُبْتَاعَ عَلَى الْقَبْضِ نَقُولُ الْبَيْعُ بَاطِلٌ وَهَذَا الْقَوْلُ مَنْقُولٌ عَنْ نَصِّهِ فِي الْأُمِّ وَالْإِمْلَاءِ عَلَى مَسَائِلِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ إنَّمَا أَسْمَحُ بِحَقِّي فَلَا أَثَرَ لِذَلِكَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَالْقَوْلُ (الثَّانِي) نَقَلَهُ الرَّبِيعُ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْمُزَنِيِّ أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ وَالرَّافِعِيُّ فِي الْمُحَرَّرِ إنَّهُ الْأَظْهَرُ وَكَذَلِكَ الْجُرْجَانِيُّ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَلِأَنَّ الِاخْتِلَاطَ بِمَنْزِلَةِ الْعَيْبِ فَإِذَا سَمَحَ الْبَائِعُ بِتَسْلِيمِهِ كَانَ كَزَوَالِ الْعَيْبِ فَيَسْقُطُ خِيَارُ الْمُشْتَرِي قَالَ هَؤُلَاءِ وَالتَّسْلِيمُ غَيْرُ مُتَعَذَّرٍ فَإِنَّهُ يَقْبِضُهُ أَكْمَلَ مَا كَانَ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي طَعَامٍ جَيِّدٍ فاعطى أجود مما ذكروه وارادأ مِنْهُ وَمَعَ ذَلِكَ يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ قَبُولُهُ وَإِنَّمَا لَا يَجِبُ التَّسْلِيمُ فِي الْعَيْنِ الْمَضْمُومَةِ إلَى الْمَبِيعِ إذَا كَانَتْ مُتَمَيِّزَةً يُمْكِنُ التَّسْلِيمُ عَلَى الِانْفِرَادِ وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ ان الصحيح
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute