إلَى الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ مِنْ الصَّحَابَةِ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَمِنْ التَّابِعِينَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَمِنْ الْفُقَهَاءِ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ لَكِنَّهُ قَالَ إذَا أحاط العلم بانهما إذا يبسا تساويا جاز وأحمد بن حنبل واسحق وَدَاوُد هَكَذَا نَقَلَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَالْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ الْأَحَادِيثُ الْمُتَقَدِّمَةُ وَمَنْ جِهَةِ أَنَّهُ إنْ بِيعَ مُتَمَاثِلًا فَالْمَنْعُ لِتَحَقُّقِ الْمُفَاضَلَةِ عِنْدَ الْجَفَافِ وَإِنْ كَانَ التَّمْرُ أَكْثَرَ فَلِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ وَالتَّخْمِينُ لَا يَكْفِي فِي ذَلِكَ إلَّا فِي الْعَرَايَا
* وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ بِجَوَازِ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ كَيْلًا بِكَيْلٍ مِثْلًا بِمِثْلٍ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَانْفَرَدَ بِذَلِكَ وَلَمْ يُتَابِعْهُ أَحَدٌ عَلَيْهِ وَنَقَلَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ دَاوُد مُوَافَقَتَهُ لَهُ وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ بَيْعَ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ لَا يَجُوزُ الا أن أَبَا حَنِيفَةَ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ إنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ سَعْدًا مِنْ الصَّحَابَةِ أَحَدٌ وَلَا خَالَفَ أَحَدٌ مِنْ التَّابِعِينَ وَهَكَذَا يَقُولُهُ فِي كُلِّ فَاكِهَةٍ رَطْبَةٍ بِيَابِسِهَا يَجُوزُ بَيْعُ الْعِنَبِ بِالزَّبِيبِ وَالْحِنْطَةِ الرَّطْبَةِ بِالْيَابِسَةِ وَتَابَعَهُ عَلَى هَذَا أَبُو يُوسُفَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْإِمْلَاءِ وَدَاوُد الظَّاهِرِيُّ وَمُوَافَقَةُ أَبِي يُوسُفَ لَهُ فِي بَقِيَّةِ الْفَوَاكِهِ مَعَ مُخَالَفَتِهِ لَهُ فِي الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ لَا وَجْهَ لَهُ فَمَتَى ثَبَتَ الْحُكْمُ فِيهِ ثَبَتَ فِيهَا وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْمَذْكُورُ فِي الْحِنْطَةِ الرَّطْبَةِ بِالْمَاءِ (أَمَّا) الرَّطْبَةُ مِنْ الْأَصْلِ كَالْفَرِيكِ فَلَا يَجُوزُ بِالْيَابِسَةِ وَلْنَرْجِعْ عَلَى الْكَلَامِ عَلَى الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ وَمَحِلِّ الْخِلَافِ فِي الرُّطَبِ الْمَقْطُوعِ عَلَى الْأَرْضِ
* وَاحْتَجَّ الْمُنْتَصِرُونَ لِأَبِي حَنِيفَةَ بِأَنَّ الرُّطَبَ والتمر إما أن يكونا جنسا واحد أو جنسين فان كانا جنسا واحد فَبَيْعُ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ مِثْلًا بِمِثْلٍ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَا جِنْسَيْنِ فَبَيْعُ جِنْسٍ بِجِنْسٍ آخَرَ أَجْوَزُ وَالِاسْتِدْلَالُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقِسْمَيْنِ لَا يَخْفَى وَفِي الْمَبْسُوطِ مِنْ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ دَخَلَ بَغْدَادَ فَسُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَكَانُوا شَدِيدِينَ عَلَيْهِ لِمُخَالَفَتِهِ الْخَبَرَ فَذَكَرَ هَذَا الِاسْتِدْلَالَ فَأُورِدَ عَلَيْهِ حَدِيثُ سَعْدٍ فَقَالَ إنَّ زَيْدًا أَبَا عَيَّاشٍ لَا يُقْبَلُ حَدِيثُهُ قَالَ شَارِحُ الْهِدَايَةِ مِنْ كُتُبِهِمْ وَهَذَا الْكَلَامُ حَسَنٌ فِي الْمُنَاظَرَةِ لِدَفْعِ شَغَبِ الْخَصْمِ وَلَكِنَّ الْحُجَّةَ لَا تَتِمُّ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا قِسْمٌ ثَالِثٌ كَمَا فِي الْحِنْطَةِ الْمَقْلِيَّةِ بِغَيْرِ الْمَقْلِيَّةِ يَعْنِي أَنَّهَا لَا تَجُوزُ عِنْدَهُمْ وَمَعَ ذَلِكَ التَّرْدِيدِ الْمَذْكُورِ جَازَ فِيهَا وَلِأَنَّهُ إذَا صَحَّ التَّسَاوِي حَالَ الْعَقْدِ لَمْ يُمْنَعْ توقع نقص يحدث الْعَقْدِ كَالتَّمْرِ الْحَدِيثِ بِالتَّمْرِ الْحَدِيثِ أَوْ الْعَتِيقِ والسمسم بالسمسم وإن كان يؤول إلَى الشَّيْرَجِ (وَأَجَابُوا) عَنْ حَدِيثِ سَعْدٍ بِجَهَالَةِ زَيْدٍ أَبِي
عَيَّاشٍ وَبِحَمْلِهِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ إذا كان نسيئة وقد ورد ذلك فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى كَمَا تَقَدَّمَ فَيُحْتَجُّ بِمَفْهُومِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute