للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الحنطة" ١. يفهم من ذلك أنه ليس بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأما ما روي عن عمر بن الخطاب أنه جعل نصف الصاع من حنطة مكان صاع من التمر والشعير وغيره فهذا القول فيه ضعف٢، وقد اختلف الناس في هذا فقال مالك والشافعي وأحمد وإساحق: لا يجزيه من البر أقل من صاع، وروي ذلك عن الحسن وجابر بن زيد وقال أصحاب الرأي والثوري: يجزيه نصف صاع من بر فأما سائر الحبوب فلا يجزيه أقل من صاع غير أن أبا حنيفة قال يجزيه من الزبيب نصف صاع كالقمح، وروي جماعة من الصحابة إخراج نصف صاع من بُرّ فإن صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر أن نخرج صاعاً من قمح فأخرج نصف صاع على سبيل البدل على رأي معاوية وغيره رضي الله عنهم فإنه لا يجزئ لما فيه من ربا٣، فرسول الله صلى الله عليه وسلم فرض مكيال الصاع من الطعام وأما ما روي عن نصف صاع فأحاديث لا يحتج بها٤، والأصل في صدقة الفطر صاع من طعام وأنه لا يجوز إلا الصاع منه٥.

قال البيهقي: "وقد وردت أخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم في صاع من بر ووردت أخبار في نصف صاع ولا يصح شئ من ذلك" ٦.

ولو كان نصف صاع من بر مذهب الخلفاء الراشدين وكثير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في زكاة الفطر، لما جعل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه يقول برأيه ويأخذ الناس برأيه لأنه لو كان معمولاً به لما كان


١ أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب صدقة الفطر صاعاً من تمر، ٢/١٣٩.
٢ سنن أبي داود، ٢/٢١٧.
٣ سنن أبي داود، ٢/٢٦٥.
٤ سنن أبي داود، ٢/٢٧٠-٢٧٢.
٥ عمدة القارئ شرح صحيح البخاري، ٩/١١٣.
٦ البيهقي، ٤/١٧٠.

<<  <   >  >>