للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأن قلوب الطير رطبا ويابسا ... لدى وكرها -العناب والحشف البالي١

شبه الشاعر الرطب الطرى من قلوب الطير بالعناب في الشكل والمقدار، واللون- وشبه اليابس العتيق منها: بالحشف البالي في هذه الثلاثة أيضا- فالمشبه متعدد، وهو الرطب من قلوب الطيرن واليابس العتيق منها- والمشبه به متعدد كذلك وهو "العناب والحشف البالي"، وقد جمع بين المشبهين في المصراع الأول على طريق العطف -كما جمع المشبهين بهما في المصراع الثاني كذلك٢.

ومثال الثاني قولك: "كالشمس والقمر هند ودعد" بتقديم المشبهين بهما على المشبهين -إلى غير ذلك مما جمع فيه كل صنف على حدة كما هو رأس المسألة.

وسمي هذا النوع "ملفوفا" لأنه من اللف، أي الضم، وهو لف المشبهين فيما مثلنا، أي ضم بعضهما إلى بعض -كما لف المشبهان بهما كذلك.

والمفروق: أن يتعدد طرفاه: ويجمع كل طرف مع صاحبه: بأن يجمع مشبه مع مشبه بهن كما تراه في قول الشاعر:

الخد ورد والصدغ غالية ... والريق خمر والثغر كالدرر٣


١ "رطبا ويابسا" حالان من القلوب، "ولدى وكرها" ظرف يحتمل أن يكون حالا من القلوب أو من الضمير المستتر في "رطبا ويابسا"، "والوكر" عش الطائر "والعناب" حب أحمر مائل إلى الكدرة في حجم قلوب الطير الرطبة و"الحشف" أردأ التمر في هيئة قلوب الطير اليابسة.
٢ إنما جعل من قبيل المفرد المتعدد ولم يجعل من تشبيه المركب بالمركب لأنه ليس لانضمام الرطب من القلوب إلى الياس منها هيئة خاصة يقصد إليها، ولا لاجتماع العناب من الحشف البالي هيئة كذلك -ولهذا لو فرق التشبيه، فقيل: كأن الرطب من القلوب عتابا، وكأن اليابس منها حشف لصح ذلك دون توقف أحد التشبيهين على الآخر.
٣ المراد "بالصدع" الشعر المتدلى على الخد، "والغالية" أخلاط من الطيب "والثغر" أراد به الأسنان.

<<  <  ج: ص:  >  >>