للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هم حلوا من الشرف المعلى ... ومن حسب العشيرة حيث شاءوا

وهذه الضمائر الثلاثة إنما تدل على مقاماتها دلالة قاطعة، لا احتمال فيها، فلا ينافي ذلك أن الاسم الظاهر قد يؤتى به في مقام التكلم، كما يقال مثلا: "فاروق يأمرك بكذا" فإنه وإن جاز أن يقال هذا في مقام التكلم، على معنى: أنا آمرك بكذا بأن كان المتكلم هو فاروقا نفسه, لكن دلالته على هذا المقام ليست قاطعة لاحتمال أن يكون هذا الكلام إخبارا عن الملك فاروق بأنه يأمر بكذا، فيكون المقام للغيبة لا للتكلم, بخلاف نحو: أنا آمرك بكذا، أو هو يأمر بكذا فإنه نص في التكلم، أو الغيبة, على أننا لو راعينا أن في مدلول الضمير اختصارا ليس في الاسم الظاهر لخرج مثل القول المتقدم إذ صدر من فاروق نفسه، فإن الحديث هنا -وإن كان في مقام التكلم- لا اختصار فيه.

تنبيه:

وضعت المعارف على أن تستعمل في معين بالذات فالضمير، والعلم، والإشارة، والموصول، والمحلى بأل، والإضافة كل واحد من هؤلاء موضوع لأن يستعمل في شخص بعينه١، ومن جملة هذه المعارف ضمير الخطاب, فهو إذًا موضوع لأن يستعمل في معين خصوصا إذا علمنا أن معنى الخطاب توجيه الكلام إلى حاضر مشاهد -واحدًا كان أو أكثر٢- وهو لا يكون إلا معينا كقولك تخاطب شخصا أمامك: أنت استرققتني بمعروفك, وقد يخرج الخطاب عن وضعه، فيخاطب:


١ قيل إن المعرف بلام العهد الذهني من جملة المعارف مع أنه لا يستعمل في معين, وأجيب أنه في حكم النكرة والكلام في معرفة ليست كذلك, وقد يجاب أن المعرف بلام العهد الذهني مستعمل في الجنس, وهو في نفسه معين وإن كان باعتبار وجوده في ضمن فرد ما غير معين, ولا يرد على الجواب الثاني النكرة بناء على أنها موضوعة للجنس لا للفرد الشائع؛ لأن تعين الجنس معتبر في المعرف بلام العهد الذهني غير معتبر في النكرة.
٢ فضمير المخاطب بصيغة التثنية لاثنين معينين وبصيغة الجمع لجماعة معينة أو للجميع على سبيل الشمول كما في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} ، وقوله -صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته" , فإن الشمول الاستغراقي من قبيل التعيين.

<<  <  ج: ص:  >  >>