للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٢- اتباع الاستعمال الوارد على ترك المسند إليه كقولهم في المثل: "رمية من غير رام"١ أي: هي رمية موفقة ممن لا يحسن الرمي حذف المسند إليه وهو "الضمير" اتباعا لما ورد في استعمالاتهم من ترك المسند إليه في مثل هذه المواضع, ومثله قولهم: "شنشنة أعرفها من أخزم"٢. أي: هي شنشنة، فحذف المسند إليه اتباعا للاستعمال الوارد, ومنه قولهم في النعت المقطوع إلى الرفع لقصد إنشاء المدح، أو الذم، أو الترحم، "الحمد لله أهل الحمد" برفع أهل، وقولهم: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" برفع الرجيم، وقولهم: "اللهم ارحم عبدك المسكين" برفع المسكين على تقدير: هو أهل الحمد، وهو الرجيم، وهو المسكين، فقد حذف المسند إليه في هذه المثل اتباعا للاستعمال الوارد على تركه في نظائرها كقول العرب: "الحمد لله الكريم" برفع الكريم على المدح، وقولهم: "مررت بزيد الخبيث" برفع الخبيث على الذم، وقولهم: "اللهم ارحم عبدك الفقير" برفع الفقير, ومن هذا القبيل قول ابن عنقاء الفزاري يمدح عميلة وقد شاطره ماله لفقره٣:


١ مثل يضرب لمن صدر منه فعل ليس أهلا له قاله الحكم بن يغوث حين نذر أن يذبح مهاة على الغبغب وهو جبل بمنى, وكان من أرمى الناس فصار كلما رمى مهاة لا يصيبها, ومكث على ذلك أياما حتى كاد يقتل نفسه فخرج معه ابنه "مطعم" إلى الصيد فرمى الحكم مهاتين فأخطأهما فلما عرضت الثالثة رماها مطعم فأصابها, وكان لا يحسن الرمي فقال الحكم عندئذ: رمية من غير رام فصار مثلا.
٢ هذا المثل عجز بيت قاله أبو أخزم الطائي, كان ابنه أخزم يؤذيه كثيرا، ثم مات في حياة أبيه، وترك أولادا له فوثبوا على جدهم يوما وأوسعوه ضربا حتى أدموه فأنشد:
إن بني ضرجوني بالدم ... من يلق آساد الرجال يكلم
ومن يكن ردءا له يقدم ... شنشنة أعرفها من أخزم
يقول إن ضربهم إياهه خصلة يعرفها من أبيهم أخزم, فذهب الشطر الأخير مثلا سائرا.
٣ قال التبريزي في خبر هذه الأبيات: إن قوما من العرب أغاروا على نعم له فاستاقوها حتى لم يبق له منها شيء, فأتى ابن أخيه عميلة وقال له: يابن أخي إنه نزل بعمك ما ترى فهل من حلوبة؟ قال: نعم يا عم حين إذ يروح المال فأبلغ مرادك منه فلما راح المال قاسمه إياه وأعطاه شطره, فقال ابن عنقاء هذه الأبيات.

<<  <  ج: ص:  >  >>