للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: الأقوال الكاذبة كقولك: "أمطرتنا السماء" وأنت تعلم أنها لم تمطر فإن إسناد الفعل في مثل هذا -وإن كان إلى غير ما هو له- لا تأول فيه لأن الكاذب لا ينصب قرينة صارفة عن أن يكون الإسناد إلى ما هو له إذ هو جد حريص على ترويج ظاهره، وما لا تأول فيه فهو حقيقة.

والقرينة نوعان: لفظية ومعنوية

فاللفظية: أن يكون في الكلام لفظ يصرفه عن ظاهره أي: عن أن يكون الإسناد إلى ما هو له كما في قول الصلتان العبدي السابق إذا لاحظنا قوله فيما بعد:

الم تر لقمان أوصى ابنه ... وأوصيت عمرا ونعم الوصي

وقوله:

فملتنا أننا المسلمون ... على دين صديقنا والنبي

فإن هذا القول منه يعتبر قرينة صارفة عن أن يكون إسناد الإشابة والإفناء إلى تعاقب الأيام والليالي إسنادا حقيقيا, ومثله قول أبي النجم:

ميز عنه قنزعا عن قنزع ... جذب الليالي أبطئي أو أسرعي

أفناه قيل الله للشمس اطلعي ... حتى إذا واراك أفق فارجعي١


١ "ميز عنه" بمعنى أزال عنه والضمير في عنه راجع إلى "الرأس" في البيت قبله وهو.
قد أصبحت أم الخيار تدعي ... علي ذنبا كله لم أصنع
لما رأت رأسي كرأس الأصلع
"والقنزع" بضم القاف وسكون النون وضم الزاي أو فتحها الشعر المتجمع في نواحي الرأس "وجذب الليالي" مضيها وتعاقبها، وقوله "أبطئي أو أسرعي" حالان من الليالي على تقدير القول؛ لأن الجملة الطلبية إذا وقعت حالا لا بد فيها من تقدير القول أي: مقولا في شأنها من الشاعر:
أبطئي أو أسرعي" إذ لا يبالي وقد تقدمت به السن، وضعف أمله في الحياة أأبطأت أم أسرعت، وقيل الله أمره وإرادته.

<<  <  ج: ص:  >  >>