بالقرينة الدالة كما تقدم لك في الأمثلة السابقة، وأدلة الحذف كثيرة منها:
١- العقل والعرف: فالعقل يدل على الحذف، والعرف يدل على خصوص المحذوف كقوله تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} الآية. أي حرم عليكم أكلها، أو الانتفاع بها, فالعقل دل على أن في القول حذفًا لعدم تصور تعلق الحرمة بالأعيان، والعرف دل على خصوص المحذوف وهو "الأكل أو الانتفاع" إذ المفهوم عرفًا من قول القائل: "حرم عليك كذا: تحريم أكله، أو الانتفاع به".
٢-العقل والشروع في الفعل: فالعقل يدل على الحذف، والشروع في الفعل يدل على خصوص المحذوف، كقول القارئ:"بسم الله" أي باسم الله أقرأ, فالعقل دل على أن فيه حذفًا لإدراكه أن الجار والمجرور لا بد أن يتعلقا بشيء، والشروع في الفعل -وهو "القراءة" هنا- دل على خصوص الحذف وهو "أقرأ", وحينئذ يقدر ما جعلت البسملة مبدأ له, ففي "القراءة" مثلا كما هنا يقال: باسم الله أقرأ، وفي "الكتابة" يقال: باسم الله أكتب, وفي "الأكل" يقال: باسم الله آكل ... وهكذا, ومثله قولهم للمعرس، وهو المتخذ عرسًا:"بالرفاء والبنين"١, أي أعرست بالرفاء والبنين, فالعقل دل على الحذف لضرورة تعلق الجار والمجرور بشيء، والشروع في الفعل دل على خصوص المحذوف وهو "أعرست".
٣- العقل وحده: بمعنى أنه: يستقل بإدراك الأمرين معًا: الحذف وخصوص المحذوف, كقوله تعالى:{وَجَاءَ رَبُّكَ} أي أمر ربك, فالعقل وحده هو الذي دل على الحذف، وعلى خصوص المحذوف لامتناع مجيء الرب عقلا.
١ الرفاء: الالتئام, تقول رفأت الثوب أرفؤه إذا أصلحت ما فسد منه، والمعنى: أعرست متلبسًا بالالتئام والوئام مع زوجك، وبإنجاب البنين منها، والجملة دعائية, أي جعلك الله ملتئمًا مع زوجك منجبًا للبنين منها.