للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الفعل لإفادة هذا الحصر، ومثله: {لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ} أي لا إلى غيره، قدم المعمول، وهو جار ومجرور، لإفادة الحصر كذلك.

٢- رد المخاطب إلى الصواب عند خطئه في تعيين المعمول، أو في الاشتراك فيه كقولك في الأول: "علينا لقيت" أي "لا غيره" ردا لمن اعتقد أنك لقيت رجلا غيره، وكقوله في الثاني: "محمدا أكرمت" أي "وحده" ردا لمن اعتقد أنك أكرمت "محمدا" وآخر معه، فقد قدم المفعول "في المثالين" لرد الخطأ في التعيين في الأول، وفي الاشتراك في الثاني.

وكالمفعول في هذا: الحال، والتمييز، والظرف، والجار والمجرور، وغيرها من متعلقات الفعل، فتقول في الحال: "راكبا جئت" لمن زعم أنك جئت "ماشيا"، وتقول في التمييز: "نفسا طبت" لمن زعم أنك طبت "نفسا وجسما"، فالأول لرد الخطأ في تعين المعمول، والثاني لرد الخطأ في الاشتراك فيه، وتقول في الظرف والجار والمجرور، "عند الأمير جلست"، و"في المنزل صليت" ردا لمن زعم العكس أو الاشتراك.

ويسمى الأول: قصر قلب، والثاني: قصر إفراد، وسيمر بك قريبا بحث واف خاص بهذا الموضوع.

٣- الاهتمام بأمر المقدم كما في "بسم الله" حيث يقدر العامل مؤخرا، أي بسم الله أفعل كذا بيانا للاهتمام بالاسم الكريم، وفيه إلى جانب ذلك رد على المشركين، إذ كانوا يبدءون بذكر آلهتهم اهتماما بأمرها، فيقولون: "باسم اللات، باسم العزى"، ولا يشكل علينا آية {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} بتقديم الفعل على "اسم الله"، لأن الأمر بالقراءة فيها أهم إذ هي أول ما نزل من القرآن، والمقصود بالذات من الإنزال حفظ المنزل، وهو متوقف على القراءة، فكان البدء بها أحق١.

٤- كون المعمول محط الإنكار كما تقول: "أبعد طول التجربة تنخدع بهذه الزخارف"؟ وكما تقول: "أفي الشر تسعى وقد جربت


١ وقد يقال ردا لهذا الإشكال: إن قوله: {بِاسْمِ رَبِّكَ} متعلق "اقرأ" الثاني على أنه مفعول والباء زائدة لإفادة التكرار أي اقرأ "اسم ربك" بمعنى اذكره مرارا وتكرارا وأما "اقرأ" الأول فمنزل منزلة اللازم على معنى وأوجد القراءة، ويكون الكلام حينئذ جاريا على أصله إذ قدم فيه المفعول على الفعل اهتماما به.

<<  <  ج: ص:  >  >>