للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الكلام اندماجًا تامًّا. وأحسنه: ما كان في معاني الوعظ، والتذكير والزهد، وكل ما يراد به إصلاح الحال, وهو ضربان:

١- ما لا ينتقل فيه المقتبس عن معناه الأصلي, كقول الحريري:

"فلم يك إلا كلمح البصر أو هو أقرب، حتى أنشد فأغرب"، وكقول الشاعر:

إن كنت أزمعت على هجرنا ... من غير ما جرم "فصبر جميل"

وإن تبدلت بنا غيرنا ... "فحسبنا الله ونعم الوكيل"

٢- ما ينتقل فيه المقتبس من معناه الأصلي, كقول ابن الرومي الشاعر العباسي:

لئن أخطأت في مدحـ ... ـك ما أخطأت في منعي

لقد أنزلت حاجاتي ... بواد غير ذي زرع

فإن معنى "الوادي غير ذي الزرع" المقتبس من القرآن الكريم: المكان الجدب، لا ماء فيه ولا نبات، فنقله الشاعر من هذا المعنى إلى جانب لا خير فيه.

هذا، ولا يضر يسير التغيير لضرورة الشعر، كما تراه في قول الشاعر:

قد كان ما خفت أن يكونا ... إنا إلى الله راجعونا

ونصه في القرآن: {وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} . وكما تراه في قول الصاحب في الاقتباس من الحديث الشريف:

قال لي: إن رقيبي ... سيئ الخلق فداره

قلت: دعيني وجهك ... الجنة حفت بالمكاره

ونص الحديث هكذا: "حفت الجنة بالمكاره, وحفت النار بالشهوات".

٩- الجمع: هو أن يجمع بين شيئين فأكثر في حكم واحد, كقوله تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} جمع بين "المال والبنين" في حكم واحد هو أنهما زينة الحياة وبهجتها. وكقول ابن الرومي:

آراؤكم ووجوهكم وسيوفكم ... في الحادثات إذا دجون نجوم

<<  <  ج: ص:  >  >>