وأما القيد الثاني:"فقد احترز به عن الحقيقة، وهي الكلمة المستعملة فيما وضعت له "كالأسد" المستعمل في الحيوان المعروف.
وأما القيد الثالث: فقد احترز به عن الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له في اصطلاح آخر، غير الاصطلاح الذي وقع به التخاطب "كالصلاة" التي استعملها المتكلم بعرف الشرع في الأركان الخاصة. فليست بمجاز لعدم استعمالها في غير ما وضعت له في اصطلاح أهل الشرع، وإن استعملت في غير ما وضعت له-في اصطلاح أهل اللغة- "وكالصلاة" أيضا إذا استعملها المتكلم بعرف اللغة في "الدعاء"، فليست مجازا كذلك لعدم استعمالها في غير ما وضعت له في اصطلاح أهل الفقة، وإن استعملت في غير ما وضعت في اصطلاح الشرع.
فالمدار: في المجاز حينئذ على أن تكون الكلمة مستعملة في غير ما وضعت له في الاصطلاح الذي وقع به التخاطب بالكلمة المنطوق بها.
وأما القيد الرابع: فقد احترز به عن الغلط اللساني١. وهو ما استعمل في غير ما وضع له لعلاقة بين المعنيين، من غير تعمد لهذا الاستعمال- كما إذا أشار متكلم إلى حجر، وأراد أن يقول لآخر: خذ هذا الحجر، فسبقه لسانه، فقال: خذ هذا الكتاب- فمثل هذا لا يسمى "مجازا" لأنه- وإن استعمل فيه اللفظ في غير ما وضع له- لا علاقة فيه بين المعنيين.
١ أما الغلط في الاعتقاد -فإن استعمل اللفظ في معناه بحسب اعتقاد المتكلم كأن يقول: انظر إلى هذا الأسد معتقدا أنه الحيوان المعروف فإذا هو فرس- فهو حقيقة لاستعماله في معناه الأصلي حسب اعتقاده وإن لم يصب- وإن استعمل اللفظ في غير معناه الأصلي بحسب اعتقاده كأن يقول: انظر إلى هذا "الأسد" مشيرا إلى حجرا معتقدا أنه رجل شجاع كان مجازا لأنه، مستعمل في غير الحقيقي لعلاقة وإن لم يصب في إثبات العلاقة في المشار إليه- وهذا صح الأقوال، إذا المعول عليه الاعتقاد.