وقال يهني السلطان موسى ابن السلطان أبي عنان، وقد وجه إليه الغني بالله أمه وعياله عند تملّكه المغرب من قبله:
قد نظم الشمل أتمّ انتظام ... ولاحت الأقمار بعد المغيب
وأضحك الروض ثغور الغمام ... عن مبسم الزهر البرود الشنيب
وعاود الغصن زمان الصّبا ... وأشرب الأنس جميع النفوس (١)
وعمّم النّور رؤوس الربى ... وجلّل النور وجوه الشموس
وأطرب الغصن نسيم الصّبا ... فالدوح للشكر تحطّ الرؤوس
واستقبل البدر ليالي التمام ... وصافح الصبح بكفّ خضيب
وراجع الأطيار سجع الحمام ... بكلّ ذي لحن بديع غريب
نواسم الوادي بمسك تفوح ... ونفحة الندّ به تعبق
وبهجة السكان فيه تلوح ... وجوّه من نوره يشرق
وعرفه بالطيب منه يفوح ... كأنّه من عنبر يفتق
والنهر قد سلّ كمثل الحسام ... حبابه تطفو وطوراً تغيب
وثغرها قد راق منه ابتسام ... يهنّىء الحبّ بقرب الحبيب
كواكب أبراجهن الخدور ... يلوح عنها كلّ بدر لياح
جواهر أصدافهن القصور ... نظمها السعد كنظم الوشاح
يا حبّذا والله ركب السرور ... يبشّر المولى بنيل اقتراح
ابتهج الكون بموسى الإما ... واختال في برد الشباب القشيب
وعاده يخدم مثل الغلام ... شبابه قد عاد بعد المشيب
(١) ق: الكؤوس.