والقلب من باب الرجاء لا يبرح، وربما ظفر البائس، ولم تطرد المقايس، تداركنا الله تعالى بعفوه، وأوردنا من منهل الرضى والقبول على صفوه، وأذن لهذا الخرق في رفوه.
" وأما ما طلبتم من انتساخ ديوان، وإعمال بنان في الإتحاف ببيان، فتلك عهود لدي مهجورة، ومعاهد لا متعهدة ولا مزورة، شغل عن ذلك حوض يعلو لجبه، وحرص يقضى من لغط المانح عجبه، وهول جهاد تساوى جمادياه ورجبه، فلولا التماس أجر، وتعلل بربح تجر، لقلت: أهلاً بذات النحيين (١) ، فلئن شكت، وبذلت المصون بسبب ما أمسكت، فلقد ضحكت في الباطن ضعف ما بكت، ونستغفر الله تعالى من سوء انتحال، وإيثار المزاح بكل حال، وما الذي ينتظر مثلي ممن عرف المآخذ والمتارك، وجرب لما بلا المبارك، وخبر مساءة الدنيا الفارك
هذا أيها الحبيب ما وسعه الوقت الضيق، وقد ذهب الشباب الريق، ليسمح فيه معهود كمالك، جعل الله تعالى مطاوعة آمالك، مطاوعة يمينك لشمالك، ووطأ لك موطأ العز بباب كل مالك، وقرن النجح بأعمالك، وحفظك في نفسك واهلك ومالك، والسلام انتهى.
٩٥ - ومن مخاطبات لسان الدين لصاحب العلامة أبي القاسم ابن رضوان:
قد كنت أجهد في التماس صنيعة ... نفساً شهاب ذكائها وقاد
وأقول لو كان المخاطب غيركم ... عند الشدائد تذهب الأحقاد سيدي، أبقاكم الله تعالى علم فضل وإنصاف، ومجموع كمال أوصاف: كلام النية قصير، والله تعالى بحسنات الأقوال والأفعال بصير، وإليه هذا الخباط كل رجعي منا ومصير، وليس لنا إلا هومولى ونصير، وهذا الرجل سيدي الخطيب
(١) يكني عن كثرة الشغل لقولهم في المثل: " اشغل من ذات النحيين " والنحي: ظرف السمن.