للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الهبوب، عديمة الحرث فقيرة من الحبوب، ثغر تنبوفيه المضاجع بالجنوب، وناهيك بحسنة تعد من الذنوب، فأحوال أهلها رقيقة، وتلكفهم ظاهر مهما ظهرت وليمة أوعقيقة، واقتصادهم لا تلتبس منه طريقة، وأنساب نفقاتهم في تقدير الأرزاق عريقة، فهم يمصون البلالة مص المحاجم، ويجعلون الخبز في الوائم بعدد الجماجم، وفتنتهم ببلدهم فتنة الواجم بالبشير الهاجم، وراعي الجديب بالمطر الساجم، فلا يفضون على مدينتهم مدينة، الشك عندي في مكة والمدينة " انتهى.

وقد سلك في هذه المقامة وصف بلدان المغرب بالسجع والتفقيه، ووفاها من المدح وضده اكمل توفية، وعكس هذه الطريقة في نفاضة الجراب فوصف فيها الأماكن بكلام مرسل جزلغير مسجع، مع كونه أقطع من السيف إذا بان عنه القراب.

٢١ - فمن ذلك قوله حين أجرى ذكر مدينة مكناسة الزيتون: وأطلت مدينة مكناسة في مظهر النجد، رافلة في حلل الدوح، مبتسمة عن شنب المياه العذبة، سافرة عن اجمل المراد، قد احكم وضعها الذي أخرج المرعى، قيد النص وفذلكة الحسن، فنزلها بها منزلاً لا تستطيع العين أن تخلفه حسناً ووضعاً من بلد دارت به المداشر (١) المغلة، والتفت بسوره الزياتين المفيدة، وراق بخارجه للسلطان المستخلص الذي يسموإليه الطرف، ورحب ساحة والتفاف شجرة ونباهة بنية وإشراف ربوة، ومثلت بإزائها الزاوية القدمى المعدة للوارد (٢) ، ذات البركة النامية، والمئذنة السامية، والمرافق المتيسرة، يصاقبها الخان البديع المنصب الحصين الغلق الخاص بالسابلة والجوابة في الألرض يبتغون من فضل الله


(١) المداشر: القرى أو المزارع.
(٢) ف: للوارد.

<<  <  ج: ص:  >  >>