للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كل فلاح، أولي قلوب غافلة ونفوس سواه، والرضى عن آله وأصحابه وعترته الأكرمين وأحزابه الذين تلقوا بالقبول ما أورده عليهم من أوامر ونواه، وعزروه ونصروه في حال قربه ونواه، فيما مولانا الذي أولانا من النعم ما أولانا لا حط الله تعالى لكم من العزة رواقاً، ولا أذوى لدوحة دولتكم أغصاناً ولا أوراقاً، ولا زالت مخضرة العود، مبتسمةً عن زهرات البشائر متحفة بثمرات السعود، ممطورة بسحائب البركات المتداركات دون بروق ولا رعود، هذا مقام العائذ بمقامكم، المتعلق بأسباب ذمامكم، المترجي لعواطف قلوبكم وعوارف إنعامكم، المقبل الأرض تحت أقدامكم، المتلجلج اللسان عند محاولة مفاتحة كلامكم، وما الذي يقول من وجهه خجل، وفؤاده وجل، وقضيته المقضية عن لتنصل والاعتذار تجل، بيد أني أقول لكم ما أقوله لربي واجترائي عليه أكثر، واحترامي إليه أكبر: اللهم لا بريء (١) فأعتذر، ولا قوي فأنتصر، لكني مستقيل، مستنيل مستعتب مستغفر " وما أبرّئ نفسي، إنّ النّفس لأمّارةٌ بالسّوء "، هذا على طريق التنزل والإنصاف، بما تقتضيه الحال ممن يتحيز إلى حيز الإنصاف، وأما على جهة التحقيق، فأقول ما قالته الأم ابنة الصديق (٢) : " والله إني لأعلم أني إن أقررت بما يقوله الناس والله يعلم أني منه بريئة لأقول ما لم يكن، ولئن أنكرت ما تقولون لا تصدقوني، فأقول ما قاله أبو يوسف: صبر جميل والله المستعان على ما تصفون ". على أني لا أنكر عيوبي فأنا معدن العيوب، ولا أجحد ذنوبي فأنا جبل الذنوب، إلى الله أشكو عجري وبجري، وسقطاتي وغلطاتي، نعم كل شيء ولا ما يوله المتقول، المشنع المهول، الناطق بفم الشيطان المسول، ومن أمثالهم " سبني واصدق، ولا تفتر ولا تخلق "، أفمثلي كان يفعل أمثالها، ويحتمل من الأوزار أحمالها ويهلك نفسه ويحبط أعمالها، عياذاً بالله


(١) ص ق: لا بريكة.
(٢) انظر إمتاع الأسماع: ٢٠٩ مع اختلاف في النص.

<<  <  ج: ص:  >  >>