للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سمعته في زمن الصبي فاستعملته نحوا من ثلاثين سنة لحسن ظني بالرواة، فلما علمت أنه موضوع تركته، فقال لي قائل: أليس هو استعمال خير؟ فقلت: استعمال الخير ينبغي أن يكون مشروعا، فإذا علمنا أنه كذب خرج عن المشروعية. انتهى١.

ومنها: أن تكون عنايتهما بتحصيل العلم النافع في الآخرة، المرغب في الطاعة، متجنبين العلوم التي يقل نفعها، ويكثر فيها الجدال، والقيل والقال، روي أن رجلا جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: علمني من غرائب العلم٢، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما صنعت في رأس العلم؟ " قال: وما رأس العلم؟ قال: "هل عرفت الرب؟ " قال: نعم، قال: "وما صنعت من حقه؟ " قال: ما شاء الله، قال: هل عرفت الموت؟ قال: نعم، قال: "وما أعددت له؟ " قال: ما شاء الله، قال: "اذهب فأحكم ثم تعال نعلمك من غرائب العلم"٣.

وينبغي أن يكون التعليم من جنس ما روي عن حاتم الأصم٤ تلميذ شقيق البلخي٥ أن شقيقا قال له: منذ كم صحبتني؟ قال حاتم: منذ ثلاثة وثلاثين سنة، فقال: ما تعلمت مني في هذه المدة؟ قال: ثمان مسائل، فقال شقيق: إنا لله وإنا إليه


١ لم نجده في كتاب: "الموضوعات" لابن الجوزي، ولا في كتابه: "العلل المتناهية"، ولعله في أحد كتبه الأخرى، وانظر حول هذا الحديث الموضوعات ١/ ٢٤٥، وتذكرة الموضوعات ٧٩، وكشف الخفاء ٢/ ١٠٦.
٢ مسند الربيع بن حبيب البصري ص٣١١.
٣ مسند الربيع بن حبيب البصري ص٣١١.
٤ هو أبو عبد الرحمن، حاتم بن عنوان، المعروف بالأصم: زاهد، اشتهر بالورع والتقشف، له كلام مدون في الزهد والحكم، من أهل بلخ، زار بغداد، واجتمع بأحمد بن حنبل، وشهد بعض معارك الفتوح، كان يقال: حاتم الأصم لقمان هذه الأمة، مات في بواشجرد سنة ٢٣٧هـ. تاريخ بغداد ٢/ ١٥٢، والأعلام ٢/ ١٥٢.
٥ هو أبو علي، شقيق بن إبراهيم بن علي الأزدي البلخي: زاهد صوفي، من مشاهير المشايخ في خراسان، وكان من كبار المجاهدين، استشهد في غزوة كولان "بما وراء النهر" سنة ١٩٤هـ. حلية الأولياء ٨/ ٦٢، والنجوم الزاهرة ٢/ ٢١ و١٤٦.

<<  <   >  >>