للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويطالب الدكتور إبراهيم عبد الرحمن١ الباحثين والنقاد بأن يلتفتوا إلى العناصر المتقابلة التي يجمع بينها الشاعر في الصورة المركَّزة والمتراكمة عناصر البقاء والفناء، وما يتصل بها من صور الصيد، والضوء والمطر، والحمل والولادة، مما يقودنا، لو أحسنَّا فهمها، إلى الكشف من عوالم الشعر وتفسيرها، وذلك يكشف عن أصولها الميثولوجية التي انبعثت منها. مما يبرز العلاقات الخفية التي كان يقيمها الشاعر الجاهلي بين عناصر الصورة ومكوناتها المختلفة، وبين مواقفه أو فلسفته في الحياة وظواهرها المتناقضة في بيته,

ويعتقد الدكتور مصطفى ناصف٢ بأن التطور هو إعادة تشكيل الماضي، وليس الماضي إلّا الأدب الجاهلي، ومن ثَمَّ كان خطر الدراسة الأدبية للعصر الجاهلي؛ لأننا ندرس منابع الأدب العربي ومقوماته جميعًا، وفكر الشاعر وثقافته في أي عصر لا يمكن أن تتضحا إلّا إذا رجعنا إلى ثقافة الشاعر الجاهلي، وثقافة الشاعر الجاهلي والنهضة الثقافية في ذلك العصر لم تدرسا حتى الآن دراسة كافية.

ويعقد الدكتور النويهي٣ تمهيدًا في كتاب يخصصه لكيفية دراسة الشعر العربي فيقرر فيه أن كل دراسة صحيحة للشعر العربي في أيّ عصر من عصوره يجب أن تبني على علم وثيق دقيق بطبيعة الشعر الجاهلي الذي يمثل المرحلة الأولى، ويقرر في موضع الآخر مجيبًا عن سؤالٍ: كيف نفهم الأصالة؟ بقوله: نفهمها ونحكمها بمقياسين: هل حدثت هذه التجربة لهذا الشاعر حقًّا؟ وهل تناولها الشاعر تناولًا فيه شيء جديد من نفسه، بأن عرضها من زواية مختلفة بعض الاختلاف، أو لفتنا إلى تفاصيل لم نلفت إليها من قبل؟ ويقرر بعدها حقيقة أننا عجزنا عن فهم الأصالة عن الشعراء الجاهليين، ويبرر عجزنا لعدم تبين تفاصيل التجربة الذاتية التي صوَّرها الشاعر بأصالة لبعد العهد، واختلاف الظروف وصعوبة اللغة، وموت الكثير من ألفاظها وتراكيبها، وفقدانها الكثير من ظلالها الفكرية ونبراتها العاطفية التي كان يسمعها أهلها في ذلك العصر السحيق.

وأخيرًا يقرر كفية فهم الشعر الجاهلي بتضافر العوامل التالية معًا: جهد في


١ الشعر الجاهلي: ص١٩٣.
٢ قراءة ثانية لأدبنا القديم, ص٤٢ وما بعدها.
٣ الشعر الجاهلي: منهج في دراسته وتقويمه، الصفحات ١٠، ١٥٦، ١٥٧، ١٥٩، ١٦١، ٢٦٧.

<<  <   >  >>