للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الملوك بمثل هذا ولا بما يقاربه، ولم يزل أمره في ازدياد وسعادته في الترقي إلى أن ظهرت عليه الأغز (١) - وهم طائفة من الترك - في سنة ثمان وأربعين وخمسمائة، وهي واقعة مشهورة استشهد فيها الفقيه محمد بن يحيى - كما سيأتي في ترجمته إن شاء الله تعالى - وكسروه وانحل نظام ملكه، وملكوا نيسابور وقتلوا فيها خلقاً لا يحصى عدده، وأسروا السلطان سنجر، وأقام في اسرهم مقدار خمس سنين، وتغلب خوارزم شاه على مدينة مرو، وتفرقت مملكة خراسان.

ثم إن سنجر أفلت من الأسر وعاد إلى خراسان [وجمع إليه أطرافه بمرو، وكان يعود إلى ملكه، فأدركه أجله] (٢) .

وكانت ولادته يوم الجمعة لخمس بقين من رجب سنة تسع وسبعين وأربعمائة بظاهر مدينة سنجار، ولذلك سمي سنجر، فان والده السلطان ملكشاه لما اجتاز بديار ربيعة ونزل على سنجار جاءه هذا الولد، فقالوا: ما نسميه فقال: سموه سنجر، وأخذ هذا الاسم من اسم المدينة.

وتولى المملكة في سنة تسعين واربعمائة نيابة عن أخيه بر كياروق - كما تقدم ذكره في حرف الباء - ثم استقل بالسلطنة في سنة اثنتي عشرة وخمسمائة. وتوفي يوم الاثنين رابع عشر شهر ربيع الأول سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة بمرو، ودفن بها بعد خلاصه من الأسر، وانقطع بموته استبداد الملوك السلجوقية بخراسان، واستولى على أكثر مملكته خوارزم شاه أتسز بن محمد بن أنوشتكين رحمه الله تعالى، وهو جد السلطان محمد بن تكش خوارزم شاه، فسبحان من لا يزول ملكه. وذكر ابن الأزرق الفارقي في تاريخه أنه مات سنة خمس وخمسين وخمسمائة، والله أعلم بذلك.

وقال غيره: توفي في جمادى الآخرة من السنة، وقطعت الخطبة ببغداد للسلجوقية عند وصول خبر وفاته في أيام المقتفي لأمر الله، وكتب إلى بلاد الجزيرة الفراتية والشام بقطع الخطبة في هذه السنة، والله أعلم.


(١) كتبت في المسودة أولاً " الغز " ثم ضرب وكتبت " الأغر " في الحاشية.
(٢) ما بين معقفين لم يرد في المسودة.

<<  <  ج: ص:  >  >>