ولد سنة ١٠٨٠ هجريا (١٦٦٩ ميلاديا) بمدينة مساكن (ولاية سوسة) ويوافق تاريخ ميلاده أواسط عهد الباي مراد بن أبي محمد حمودة باشا المرادي ثالث ملوك الدولة المرادية. أدخله أبوه أحد كتاتيب مدينة مساكن فحفظ القرآن الكريم في سنوات قلائل ثم أخذ عن علماء الساحل مبادئ الفقه والنحو ولما بلغ طور الشباب تاقت نفسه لطلب المزيد من العلم فعزم على الرحيل في طلبه.
الرحلة الأولى سافر الشيخ علي بن خليفة وعمره ١٥ سنة الى مدينة صفاقس سنة ١٦٨٣ ميلاديا فأخذ هناك عن الشيخ علي النوري. ويقول هنا «إن لنا مشائخ أجلاء أخذت عنهم العلم قراءة وحضورا وإجازة وأولهم الشيخ الفاضل المقرئ الناصح الجامع بين الشريعة والحقيقة سيدي علي النوري الصفاقسي». وهناك في صفاقس مكث ٥ سنوات ملازما لشيخه النوري وتوجت إقامته بمجموعة من الإجازات بالمباشرة والحضور. أجازه صحيح البخاري وصحيح مسلم والموطأ برواية يحيى الليثي الاندلسي وكتاب الشفاء للقاضي عياض وكتاب الشمائل للترمذي. كما أجازه أيضا تفسير البيضاوي والعديد من الكتب التي تعود الى علماء أجلاء كالسيوطي، والقرطبي والسنوسي.
الرحلة الثانية بعد صفاقس ارتحل علي بن خليفة المساكني الى مصر بداية القرن ١٢ هجريا قاصدا الأزهر الشريف. ويذكر الأستاذ محمود القزاح في دراسة له تحت عنوان «الشيخ علي بن خليفة الحسيني المساكني» أنه التقى بعدد كبير من علماء الأزهر وأخذ عنهم شتى العلوم والفنون منهم الشيخ الخرشي إمام المالكية في عصره وهو أول من تولّى مشيخة الأزهر سنة ١١٠٠ هجريا. ولما كان بالأزهر أخرج (علي بن خليفة المساكني) نسخة من شرح شيخه الشبرحيتي وأجازه في الصحيحين بسنديهما الى الامامين البخاري ومسلم. ويضيف الأستاذ محمود القزاح أنه بالنظر الى ما سبق من ذكر شيوخه يتبيّن لنا أن دراسته وإن كانت مركزة على علوم القرآن والحديث والفقه نرى أنها تنوّعت فشملت علوما أخرى كعلوم القراءات والفرائض والنحو والبلاغة. العودة قبل أن يعود الي مدينة مساكن قصد البقاع المقدسة وحجّ، وبمدينته أسّس مدرسته سنة ١١٠٤ هجريا (١٦٩٢ ميلاديا) لتكون رباطا لطلبة القرآن والعلم. رابط «علي بن خليفة» بمدرسته ليربّي تلاميذه على الفضائل الإسلامية الصحيحة كما كان يطعم الطعام للفقراء والمساكين وفي كتابها «الفلاحون التونسيون.. الاقتصاد الريفي وحياة الأرياف» أدرجت الباحثة الفرنسية «لوسات فلنزي» فصولا عن مدينة مساكن لعل أهم ما جاء فيها قولها: «ومما يدل أن مساكن كانت بلد علم ودين وتقوى هي الشهرة التي كانت تتمتع بها مدرسة علي بن خليفة في كامل الإيالة التونسية إذ كانت هذه المدرسة كعبة قُصّاد طلبة العلم والزوار. هذه الزاوية جعلت من مساكن «بنراس الإيالة التونسية» وبنراس مدينة مقدسة تقع ببلاد الهند كثيرة الزوار. تقع المدرسة الخليفية وسط حي آل بن خليفة بالطرف القبلي من رحبة السوق القديمة.